(القانون اللبناني: سيف على رقبة الحريات الشخصية (2

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (No Ratings Yet)
Loading ... Loading ...

817 views


في العدد السابق من “بخصوص”، نشرنا الجزء الأول من هذا المقال الذي يتحدث عن المواد القانونية المجحفة في الدستور اللبناني بحق المواطنين والمواطنات وحرياتهم/ن الشخصية بشكل عام مهما اختلفت ميولهم الجنسية وطوائفهم (لقراءة الجزء الأول ). وفي هذا العدد، ننشر الجزء الثاني:

 

ولكن المادة 534 ليست المادة الوحيدة التي تمس بحريات مثلييّ/ات الجنس والمواطنين/ات اللبنانيين/ات بشكل عام، لكنها المحرك الأكبر والدافع الذي من خلاله يطال القانون حريات المواطن/ة اللبناني/ة لاسيما مثليي/ات الجنس ، حتى الحريات الأكثر طبيعية والأكثر بديهيّة منها.

ثانياً: ممارسات القانون

إلى جانب كون المادة ٥٣٤ تحد من الحرية الجنسية للمواطنين/ات،على الرغم من أن لبنان قد صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في مراكز الإحتجاز اللبنانية عام 2000، فإن الممارسات التي يقوم بها رجال الأمن ضد مثليي/ات الجنس تحديدا، تخالف هذه الاتفاقية كليا.

تبدأ القصة في الإهانات النفسية، الكلامية وحتى الجسدية في حال احتجاز شخص مثلي وتترجم بالشتائم والتعديات الجسدية، التي تكون في بعض الأحيان علنية، وتستكمل القصة في مراكز الاحتجاز حيث يعاني المحتجز من شتى أنواع الإهانة من ضرب واحتقار وتحرشات جنسية.

نذكر هنا أن لبنان صادق على إتفاقية الأمم المتحدة لمنع التعذيب في مراكز الإحتجاز عام ٢٠٠٠ ولكنه لم يقدم بعد تقريره عن الإجراءات المتخذة للإلتزام بالإتفاقية متأخراً بذلك سنوات عن الموعد الذي كان محددا في ٤ نوفمبر 2001. ولايزال التعذيب والمعاملة السيئة مشكلة جسيمة داخل مراكز الإحتجاز اللبنانية والتي تطال بشكل مباشر مثليي/ات الجنس المحتجزين/ات في لبنان.

ونذكر أيضاً أن المثليين/ات بالتعريف الحرفي للكلمة (أي الأشخاص الذين ينجذبون لشخص آخر من الجنس المماثل) ليسوا الضحية الوحيدة لهذه الممارسات. فمغايري الجنس هم أيضاً من الضحايا الذين لا يمكن تناسيهم. فهم غالباً ما يتهمون، إذا لم تكون المادة ٥٣٤ جائزة في حالتهم، بشتى أنواع الإتهامات كممارسة الدعارة أو تعاطي أو ترويج المخدرات أو غيره. وهنا يصبح وصف حالتهم في مراكز الإحتجاز غير ضروري، إذ أنه من البديهي تصورها!

من جهة أخرى، تنص المادة ٤٠١ من قانون العقوبات على منع التعذيب الجسدي في مراكز الإحتجاز، ولكن تطبيق هذه المادة يكاد يغيب كليا. كما أن المادة ٤٠١ لا تنطبق على ضروب التعذيب غير البدني، كالتعذيب النفسي أو الذهني، ولا تغطي الحالات التي يستعمل فيها التعذيب لأغراض غير إنتزاع الإعترافات.

لذا، فإن حرية المثليين/ات وحقهم/ن بمحاكمة شريفة واحترام شخصيتهم الجسدية والمعنوية ليست واردة في ممارسات القانون اللبناني.

ثالثاً: المرأة والقانون

حقيقة أن المرأة مهمشة في القانون اللبناني هي خارج كل جدال. فمع أن المادة ٧ من الدستور اللبناني تنص على أن كل اللبنانيين متساوين أمام القانون، قليلا ما تنطبق هذه النظرية في الممارسة.

وإذا كانت المادة ٥٣٤ من قانون العقوبات قليلاً ما تجرم المرأة المثلية، فإن هناك عدة قوانين أخرى تطال المرأة المثلية وتحد من حريتها في اختيار حياتها الشخصية.

فمن جهة، هناك القوانين الدينية والإجتماعية التي تجبر المرأة على الزواج بإعتباره النهاية المثالية لكل إمرأة في مجتمعنا. ويجدر بالذكر هنا الضغط الذي يمارسه المجتمع ضد المرأة التي اختارت عدم الزواج إذ تعتبر بأغلب الأحيان عار على العائلة.

إذا، فإن المرأة المثلية تعيش تحت تأثير ضغط كبير يمارسه عليها المجتمع كونها في غالبية الأحيان تختار عدم الزواج. هذا الضغط قد يدفعها للهروب منه إما من خلال زواجها لإسكات المجتمع، وإما من خلال الفرار من منزل العائلة. وفي كلتا الحالتين تعيش المرأة المثلية حياة صعبة، وبالطبع، غير خالية من اضطهادات المجتمع لها.

من جهة أخرى، فإن المادة ٥٦٢ من قانون العقوبات اللبناني تحد من حرية المرأة المثلية إذا كانت تنتمي إلى عائلة غير منفتحة. إذ تنص هذه المادة على أنه “يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته … في حالة الجماع غي المشروع…”. وبما أن جماع النساء المثليات يعتبر جماع غير مشروع، فإن المادة ٥٦٢ تشجع أهل المرأة المثلية على التعدي عليها إذ أنها تقضي بتخفيف العقبة على المتعدي، وبذلك تشجع على القتل والإيذاء وتخلف مبادئ الحرية والعدالة والمساواة.

ومع العلم أنه، وبعد نضال من الهيئة النسائية والأهلية، تم تعديل هذه المادة بموجب القانون رقم ٧ الصادر في ٢٠ شباط ١٩٩٩ الذي ألغى العذر المحل وأبقى على العذر المخفف، الا أنه في النهاية أبقى على تشريع جرائم الشرف وعلى التمييز ضد المرأة.

في الخلاصة، الواقع أنه وان كانت المادة ٥٤٣ هي المادة التي تجرم صراحة الممارسات الجنسية المثلية وتحد من الحرية الجنسية لمتغايري الجنس من غير المتزوجين، الا أنه يوجد عدة قوانين مكتوبة أو غير مكتوبة تعتبر مجحفة بحق هذه الشريحة من المجتمع التي لا تطالب إلا بالسماح لها أن تعيش حياتها الشخصية باحترام وكرامة.

إن تعزيز الحقوق الجنسية والجسدية هو نضال يجب مقاربته من جهة ومستويات مختلفة في حين يبقى إصلاح القوانين أمراً لا بد منه، إذ أن قمع الحريات الجنسية هو أداة السيطرة على المجتمع ليس إلا.

- بقلم Myrrha

Guest Contributor

Leave a Reply